Leave a comment

مجلس استشاري بدل “النواب” لإنجاز قانون الانتخابات في الأردن

في ظل جدل قد يمتد طويلا ولا خروج من عنق الزجاجة في شأن قانون الانتخابات الأردني الجديد الذي هو استحقاق اصلاحي بارز في المملكة الاردنية الهاشمية لا يختلف بشأنه اثنان،، فانني اقترح على العاهل الهاشمي الملك عبدالله الثاني واركان حكومته ومجلس الامة بشقيه والا…حزاب السياسية وجماعات الحراك الوصول الى صيغة سريعة للتوافق تستند الى حل مجلس النواب الحالي و”تشكيل مجلس استشاري وطني انتقالي” على غرار المجلس الاستشاري الوطني العام 1978 مهمته انجاز قانون الانتخابات .

 ومادام الملك يستعجل اكتمال المنظومة الاصلاحية وهو يناغم ايضا مطالب الحراك الشعبي والاستحقاقات الاقليمية، فان تجربة المجلس الاستشاري السابق التي حققت نجاحا كبيرا في ظل غياب المؤسسة التشريعية آنذاك للظروف التي كانت تمر بها المملكة قد تكون حلا برضي الجميع، حيث الاردنيون عبروا مئات المرات عن عدم ثقتهم بمجلس النواب الحالي.

ومادامت حكومة الدكتور فايز الطراونة انتقالية كما ورد في كتاب التكليف الملكي ومهمتها انجاز منظومة التشريعات الاصلاحية، فان الحال سواء بسواء يمكن ان ينطبق على المجلس الاستشاري الوطني المقترح بـ “مهمات انتقالية”، ولا أعتقد ان قيام مجلس كهذا يتعارض مع الدستور اذا كان فيه مصلحة عليا للوطن.

 المجلس الذي اقترح تشكيله يتعين ان يضم شخصيات من مختلف التيارات السياسية “المحافظون والاسلاميون واليساريون التقدميون والليراليون والقبائل”.

 لقد نجحت الصيغة ايضا بعد نجاح الثورة التونسية حتى تم التوصل لاقرار قانون الانتخابات وهي نجحت في مصر كما ان الثورة الليبية تعتمدها حاليا. وممكن اعتامدها في الأردن وهو يعيش على وقع “الربيع العربي” الذي يريده الجميع ان يكون “أخضر لا أحمر”.

 هنا لا بد من التذكير في خلفيات تشكيل المجلس الوطني الاستشاري السابق الذي انجز الكثير في التشريع الاردني، فانه وتلافيا لحدوث فراغ تشريعي وجَّه الملك الراحل الحسين بن طلال في أوائل نيسان(إبريل) 1978 م رسالة إلى مُضر بدران رئيس الوزراء دعاه فيها إلى وضع قانون مؤقت يتمُّ بموجبه إنشاء مجلس وطني استشاري يحلُّ بصورة مؤقتة محل مجلس النواب المجمَّد آنذاك.

 وحدَّدت الرسالة الملكية حينذاك، مهمة المجلس بإسداء الرأي والمشورة للسلطة التنفيذية، والنظر في التشريعات والقوانين التي تسنُّها الحكومة، ومناقشة السياسة العامة للدولة، في إطار من التعاون مع الحكومة وبروح المصلحة العامة، وطلبت الرسالة من رئيس الوزراء أن يضم المجلس الاستشاري أشخاصا من ذوي الكفاءة والتمثيل الشعبي الصحيح والولاء للوطن والأمة.

 وبادرت الحكومة فور الرسالة الملكية بأن أصدرت في 15 نيسان (إبريل) 1978 قانون(المجلس الوطني الاستشاري)، بوصفه قانونا مؤقتاً استلزمته الظروف السياسة الراهنة. وفي 20 نيسان (إبريل) 1978 صدرت إرادة ملكية، بناء على تنسيب من رئيس الوزراء، بتشكيل المجلس من 61 شخصية، لكل منها مكانتها في المجتمع، اعتباراً من ذلك اليوم ولمدة سنتين.

 لقد استمرَّت تجربة المجلس الوطني الاستشاري الناجحة مدة ست سنوات، في ثلاث دورات، مدة كل منها سنتان، وضمَّ المجلس الاول 60 عضوا، وضمَّ المجلس الثاني 60 عضواً، أما المجلس الثالث فقد ضمَّ 75 عضواً.

 وكانت المهمة الرئيسية للمجلس أن يعاون السلطة التنفيذية في القيام بأعبائها السياسية والتشريعية، أو فيما يتعلق بالخدمات والمرافق العامة، وأن يسدَّ الفراغ الذي نشأ عن تجميد النشاط البرلماني الانتخابي، والحقيقة أن المجلس في دوراته الثلاث، كان إلى حد بعيد، ممثلاً لكافة الاتجاهات الفكرية والسياسية والاجتماعية والعقائدية في البلاد، وضمَّ أشخاصا سبق لكثيرين منهم أن لعبوا أدوارا في خدمة المجتمع، فبعضهم شغل مناصب وزارية في السابق، وبعضهم كانوا أعضاء في مجلس الأعيان أو مجلس النواب، وكان بينهم محامون وأطباء ونقابيون وكتـَّاب وصحافيون، وضمَّ المجلس ممثلين عن غرف الصناعة والتجارة ونقابات العمال.

 ويشار هنا الى انه ولأول مرة في تاريخ الحياة التمثيلية ضمَّ المجلس سيدات ناشطات في المجتمع الأردني، فكان ذلك التمثيل النسائي خطوة تقدمية بارزة، أضف إلى ما تقدم أن المجلس ضمَّ عدداً من منتسبي الأحزاب(الممنوعة رسميا آنذاك) من شيوعيين وبعثيين ومن حركة القوميين العرب، وتلتقي آراء العديد من الذين عايشوا تلك المرحلة من سياسيين وحزبيين وإعلاميين على القول إن المجلس الوطني الاستشاري في دوراته الثلاث استطاع، إلى حد كبير، ملأ الفراغ الذي أحدثه غياب مجلس النواب في تلك المرحلة.

 

Leave a comment