Leave a comment

هكذا تورط الإخوان المسلمون في الأردن بمؤامرة الوطن البديل

* كتب نصر المجالي

مع بدء تكشف خيوط تورط تنظيم الإخوان المسلمين العالمي في تصفية القضية الفلسطينية من خلال تسويات منفردة مع إسرائيل بشراكة مع حركة “حماس” ورعاية أميركية، فإنه يبدو أن جماعة (الإخوان المسلمين) في الأردن ليست بعيدة عن التورط هي الأخرى في هذا المخطط الذي يبدو أن ترتيباته بدأت مع (الربيع العربي) في نهايات عام 2010 ، حيث كان الغرب ومعه الإدارة الأميركية يعتقدون أن “الحل في الإقليم يمكن أن يكون بتصعيد الإسلام السياسي لقمة هرم السلطة”.

المتابع لتصريحات قادة الإخوان في الأردن وبياناتهم منذ خلع الرئيس محمد مرسي العيّاط، يمكنه فهم حقيقة الهلع الذي يعيشونه من مغبة انكشاف تورطهم في المخطط العبثي من خلال تحالفاتهم العلنية في السنتين الأخيرتين ورفضهم الاندماج في الصيغة الإصلاحية التي كان طرحها العاهل الأردني االملك عبدالله الثاني.

ولهذا لم يكن مستغرباً أن يصف الملك في حديث لمجلة (ذي اتلانتك) الأميركية قبل ثلاثة اشهر الإخوان المسلمين بأنهم “ذئاب في ثياب حملان” وإنهم مثل أي “طائفة تعمل كالماسونية”، وإن ولاءَهم دوماً لمرشدهم العام.

وفي المقابلة كان الملك عبدالله الثاني يستشرف آفاق المستقبل أو أنه على علم بالمخطط التآمري فهو قال: “ايقاف الاسلاميين من السيطرة الآن هي “اهم معركة لنا” في المنطقة بأسرها”، كما عبر عن استهزائه بالاخوان المسلمين وهو اكبر حزب في الاردن ومن خلفهم الرئيس المصري محمد مرسي واصفًا إياهم بـ “طائفة ماسونية” و”ذئاب في ثياب حملان”، كما وتهجم على دبلوماسيين اميركيين معلقًا على سذاجة اهدافهم.

أهداف شريرة

وقال: عندما تذهب الى الخارجية الاميركية، وتتحدث عن الأمر يقولون لك: “آه هذا هو المسؤول الليبرالي يتحدث، إنها الملكية تقول إن الاخوان لهم اهداف شريرة”،
وأضاف أنه حاول إثناء الغربيين عن وجهة نظرهم القائلة إن “الطريقة الوحيدة لإرساء ديمقراطية (في الوطن العربي) تمر عبر الإخوان المسلمين”.

المخطط التآمري الذي جرى إحباطه على صعيد مصر، وكان بمعرفة أميركية – إسرائيلية، هو نية الإخوان المبيتة بعد تسلمهم للسلطة هو سلخ جزء من شبه جزيرة سيناء ومنحه لحليفتهم حركة حماس لإقامة إمارة غزة الإسلامية التي من أهدافها “توطين اللاجئين الفلسطينيين” هناك مع ربط هذه الإمارة الجديدة بعلاقة مع مصر.

يبدو أن الشق الثاني والمهم من المخطط، كان مفترضاً أن ينفذه الإخوان المسلمون في الأردن، وهم حلفاء لحركة حماس ولجماعة الإخوان في مصر إن لم يكونوا يأتمرون بأمرة مرشدهم.

ظل الإخوان في الأردن يرفضون كل الصيغ الإصلاحية التي طرحت وخاصة لجهة قانون الانتخابات البرلمانية وكانوا يصرون رغم كل الحوارات واللقاءات لا بل والتنازلات التي قدمتها الحكومات المتعاقبة على مدى أكثر من عامين على نسبة تمثيل أعلى لناخبي المخيمات الفلسطينية والأحزاب في المملكة.

وحيث هم لهم شعبيتهم في تلك المخيمات لا بل وقدر مهم على الساحة الأردنية أيضًا يتفوقون فيه على أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى، فإن عينهم كانت على أغلبية برلمانية تحقق لهم سريعًا ما يطمحون إليه في “ملكية دستورية” شكلية ويكون القرار الأول والأخير للبرلمان والحكومة المنتخبة حسب مساحة فوزهم الذي كانوا يحلمون به.

دعم أميركي – أوروبي

مطالب الإخوان المسلمين وتعنتهم كانت على ما يبدو مدعومة ليس فقط من حركة حماس أو إخوان مصر وحسب، بل من الإدارة الأميركية وجهات أوروبية، حيث كانت عمّان مسرحاً لجولات مكوكية لمسؤولين أميركيين وأوروبيين كبار في العامين الماضيين للضغط على الحكومة الأردنية لتعديل قانون الانتخابات بما يتلاءم مع الرغبة الإخوانية.

هذا أيضاً تزامن مع زيارات عديدة لشخصيات قيادية من الإخوان المسلمين لواشنطن وعواصم أوروبية، فضلاً عن لقاءات السفيرين الاميركي والبريطاني لهم في العديد من المناسبات، وكانت مثل هذه اللقاءات تتم علانية.

ولقاءات الإخوان المسلمين في الأردن كانت لها مثيلتها بالنسبة للإخوان المسلمين في مصر، ووفقاً للوثائق التي كشفت عنها صحيفة (الوطن) المصرية فقد تأكدت حقيقة حدوث لقاءات بين مسؤولين فى الإدارة الأميركية وقيادات جماعة الإخوان، قبل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وتحديداً في حزيران (يونيو) 2012، والتي تم التنسيق لعقدها بين أحمد عليبة أحد مسؤولي السفارة الأميركية فى القاهرة ومسؤولين فى مكتب القيادي في الجماعة خيرت الشاطر.

ويشار الى أن احمد عليبة هو أحد العاملين في القسم السياسي والمسؤول عن تنسيق كافة اللقاءات بين السفيرة الأميركية آن باترسون ورموز القوى السياسية في مصر، كما أنه المسؤول عن تحديد اللقاءات بين المسؤولين الأميركيين والجهات السياسية، عند زيارتهم إلى القاهرة.

ثم أنه بعد مرور أيام على جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في مصر نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني خبراً ذكرت فيه أن وفدًا يضم نوابًا من البرلمان (الكنيست) بينهم يتحساق فاكنين، من حزب شاس، وحماد عمار من حزب (إسرائيل بيتنا) سيلتقي برلمانيين مصريين بينهم أعضاء بجماعة إخوان مصر في واشنطن برعاية مسؤولين أميركيين.

مقاطعة الانتخابات

مقابل تجييشهم للشارع الأردني عبر حراكات واعتصامات شعبية بلغت الآلاف، أقدمت الحكومة الأردنية على خطوة إصدار قانون الانتخابات الذي جرت على اساسه انتخابات شباط (فبراير) 2013 ،حيث قاطع الإخوان الانتخابات كونها لا تلامس مطالبهم أو طموحاتهم.

هنا لا بد من التذكير، بأن جهات يمينية ذات تأثير كبير في مفاصل القرار الإسرائيلي، ظلت تدعو منذ سنين إلى حل للمسألة الفلسطينية على عاتق الأردن وكان يبدو للعلن بين حين وآخر، مطلب إشراك الفلسطينيين في الضفة الغربية في انتخابات برلمان الأردن على اعتبار أنهم يحملون الجنسية الأردنية منذ وحدة الضفتين عام 1950 .

دعوات اليمين الإسرائيلي هذه وجدت ضالتها عند الإخوان المسلمين في الأردن ضمن المخطط التآمري الإخواني، ولذلك كان واحد من الشعارات الأبرز في مظاهرات واعتصامات العامين الماضيين هو “إسقاط اتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل”.

هذه الاتفاقية الموقعة عام 1994 أسقطت مقولة (الوطن البديل) التي ظلت الهاجس المخيف بالنسبة للأردنيين على اعتبار أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين. لذلك ظل الموقف الاستراتيجي الأردني يؤكد أن “المصلحة القومية الأردنية العليا هي في إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.

ما صدر عن قيادات إخوانية مصرية وأردنية في العامين الماضيين كان يصب في خانة تدشين المخطط التآمري، فعلى سبيل المثال كان القيادي الإخواني المصري عصام العريان، أعلن بعد انتخاب مرسي بأن الدور آتٍ على الأردن.

ومثل هذا الطموح لم يكن وليد اللحظة بل أنه مخطط تآمري كان يجري العمل عليه منذ زمن طويل لكن آفاقه بدأت تتكشف مع وصول الإخوان الى السلطة في مصر.

ما كشفه معروف البخيت

جزء من ملامح المخطط كان كشفه رئيس الحكومة الأردني السابق الدكتور معروف البخيت في حديث شامل لصحيفة (الحياة) اللندنية نشرته في حزيران (يونيو) الماضي، فهو قال: “نجحنا في إحباط مخطط لجماعة الإخوان المسلمين (كبرى جماعات المعارضة في البلاد) كان هدفه استيراد تجربة ميدان التحرير المصري للوصول إلى سدة الحكم”.

وأكد البخيت للمرة الأولى أن الجماعة “تلقت نصائح سابقة عبر تنظيم «الإخوان» الدولي تقترح نقل فكرة ميدان التحرير إلى قلب العاصمة الأردنية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب”.

وأوضح رئيس الحكومة الأردني السابق: “صدرت تعليمات واضحة باختيار موقع حساس يكون مجاوراً لمستودع بشري يعتقدون (الإخوان) أن لهم وجوداً كثيفاً فيه، على أن يحتوي مستشفيات ومراكز طبية، كما طُلب منهم تجهيز الطعام والشراب بغرض الإقامة الدائمة”.

وأضاف: “بعد صدور التعليمات، اختار «الإخوان» منطقة دوار الداخلية وسط عمان (ميدان جمال عبدالناصر) لاحتوائه على حوالي 7 مستشفيات خاصة، وباعتباره يمثل تقاطعاً حيوياً وسط تجمعات سكنية يستمدون منها قوتهم”.

وتابع: “كان لأجهزتنا دور مهم في رصد هذه المعلومات، واعتقد «الإخوان» أن بإمكانهم حشد تجمع بشري يقارب 300 ألف متظاهر، وبالتالي أن تعمّ الفوضى لدينا. لكن قرار الدولة كان صارماً وحاسماً بإنهاء مطامح الجماعة منذ اللحظة الأولى، وهو ما نجحنا في تحقيقه بالتفاف الكثير من الحراكات والقوى السياسيّة الوطنيّة والقوميّة واليساريّة، وحتى الإسلاميّة الوسطيّة”.

ولفت البخيت إلى أن هذه الحادثة جاءت في وقت “شُكلت لجنة للحوار الوطني، وبدأت اجتماعاتها بقصد التوافق على أولويات الإصلاح، وشملت الأطياف السياسيّة المختلفة، وبالذات المعارضة منها، فيما انفرد «الإخوان» برفض المشاركة، علماً أنهم كانوا ممثلين فيها عبر بعض القيادات النقابيّة المنتمية للجماعة”.

ووفق البخيت، فإن جماعة “الإخوان كانت تسعى إلى السلطة، خصوصاً بعد النجاحات التي تحققت لها في مصر وتونس”، وقال: “لم يكن الأمر غريباً عام 2006 على سبيل المثال عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة صرح أحد قادة التنظيم، وهو النائب السابق عزام الهنيدي، أن الجماعة جاهزة لاستلام حكم الأردن”. وتابع: “تشاورت مع قادة «الإخوان» كثيراً. عرضت عليهم أن يكونوا قريبين، لكنهم قالوا لي بالحرف الواحد: مصلحتنا أن نبقى في الشارع”.

الملك والوطن البديل

وإلى ذلك، لم يكن مستغربًا مبادرة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الى تهنئة القيادة المصرية الموقتة على موقفها وتأكيده على دعمها، لأنه يبدو كان متأكداً من أن الحكم الاخواني في مصر متورط في المخطط التآمري الشامل لإنهاء القضية الفلسطينية على عاتق التنازل عن السيادة الوطنية المصرية في سيناء ومن ثم تحقيق ما يسمى (الوطن البديل) أو تحت أية تسمية أخرى بضم ما تبقى من الضفة الغربية لأراضي الأردن لتكون الهيمنة فيها لجماعة الإخوان المسلمين من خلال مطالبهم بـ “الملكية الدستورية” وهو مطلب حق يراد به باطل !.

كردٍ على مساعي الإخوان المسلمين وبثهم لشائعات تعكس رغباتهم الدفينة حول (الوطن البديل) كان الملك عبد الله الثاني سارع للتأكيد ولمرات عديدة في كل خطاباته ولقاءاته الشعبية وزياراته لمختلف مناطق المملكة على أن بلاده لن تكون وطناً بديلاً لأحد.

ويوضح الملك أن موضوع الوطن البديل يطرح بين فترة وأخرى في الأردن واصفاً ذلك بأنه “غير مقبول على الإطلاق”، وقائلاً إنه “لا يجوز أن نتحدث عن نفس الموضوع كل سنة، وهناك من يضخِّم الموضوع والخائفون هم الذين يثيرونه”.

وهنا ظل العاهل الأردني يؤكد “أود أن أطمئن الجميع أنني لم أسمع (من) أي مسؤول أميركي أو غيره لا من بيل كلينتون أو جورج بوش أو باراك أوباما أي ضغط على الأردن باتجاه حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن”.

ضعاف النفوس

وينوّه إلى أن الوطن البديل “ليس له وجود إلا في عقول ضعاف النفوس، وما يسمى بالخيار الأردني ليس له مكان في قاموس الأردنيين… فالحديث حول هذا الموضوع وهم سياسي، وأحلام مستحيلة”.

ويؤكد الملك “يجب أن نتحدث بصوت عالٍ بالنسبة للهوية الأردنية، والوحدة الوطنية بالنسبة لي خط أحمر، ولن نقبل أو نعطي المجال لنفر قليل مهما كانت منابته ومشاربه وغاياته أن يخرب مستقبل الأردن”.

ويتابع: “للأسف هناك أناس كل ما نحاول طمأنتهم يعودون لطرح نفس الموضوع”.

وتساءل الملك عبد الله “هل يعقل أن يكون الأردن بديلاً لأحد، ونحن جالسون لا نحرك ساكنًا، لدينا جيش ومستعدون أن نقاتل من أجل وطننا ومن أجل مستقبل الأردن ويجب أن نتحدث بقوة ولا نسمح حتى لمجرد هذه الفكرة أن تبقى في عقول بعضنا”.

ويشير الملك عبدالله الثاني الى أنه “عندما كنت في أميركا تحدث معي أحد المثقفين الإسرائيليين، وقال إن ما يجري في الدول العربية اليوم سيصب في مصلحة إسرائيل، فأجبته بأنني أرى العكس.. وقلت له إن وضعكم اليوم أصعب من ذي قبل”.

وفي الختام، يؤكد عبدالله الثاني: أن “الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، وهويتنا عربية إسلامية، ونحن نعرف اتجاهنا وطريقنا واضح لحماية مستقبل فلسطين، ولحماية حقوقنا بمستقبل القدس، وحق العودة، وإننا ندعم حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية، ونحن سياسياً لم نتغيّر، ولن نتغيّر، فموضوع الوطن البديل يجب ألا يكون جزءًا من النقاش”.

Leave a comment