Leave a comment

هل تطيح فضيحة “شيراتون غيت” بصهر الغنوشي من الخارجية التونسية ؟

* كتب نصر المجالي

تترقب الأوساط الدبلوماسية العربية والتونسية ومعها وسائل الإعلام نتائج تداعيات ما يمكن توصيفة بأول “فضيحة” تهز عرش حكم حركة النهضة في تونس بزعامة راشد الغنوشي حول تورط وزير الخارجية التونسي رفيق بن عبد السلام بوشلاكة -المرتبط بعلاقة قرابة لرئيس حركة النهضة الحاكمة- بالفساد وإهدار المال العام، والخيانة الزوجية في قضية باتت تعرف باسم “شيراتون غيت”.

ورفيق عبد السلام هو زوج سمية ابنة راشد الغنوشي التي هي باحثة في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، وكان سمي يوم 24 ديسمبر 2011 وزيرا للشؤون الخارجية في حكومة حمادي الجبالي الإسلامية.

وكان رفيق عبدالسلام انضم إلى المكتب السياسي لحركة النهضة في المهجر وإلى مكتبها السياسي فيما بين 2001 و2007، كما كان عضو مجلسها للشورى، وانتخب في المؤتمر التاسع لحركة النهضة عضو مجلس الشورى .

والفضيحة لم يعد يجري تداولها على تطاق تونسي بحت، بل انها صارت موضع تداول من الصحافة الغربية وخاصة البريطانية منها التي تغطي عن كثب كل شاردة او واردة عن “الربيع العربي” وتضعه تحت المجهر سلبا او ايجابا.

فقد اهتمت الصحيفة البريطانية الأبرز (فاينانشال تايمز)، في عددها الصادر الإثنين بقصة المدونة التونسية ألفة الرياحي التي يتم تداول اسمها بقوة أخيرا في تونس بعد ان نشرت في مدونتها وثائق تفيد بتورط الوزير رفيق عبدالسلام.

وتقول الصحيفة إن نجم الرياحي ارتفع بشدة، ليس فقط بسبب تحقيقها الاستقصائي حول استمرار الفساد في ظل حكومة ما بعد الثورة في تونس، لكن أيضا بسبب ان هذا التصرف يأتي من صهر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الحاكمة.

وتضيف الفاينانشال تايمز أن اختلاف تعاطي المعارضة والقوى الليبرالية والاعلام من جانب والحكومة والاسلاميين من جانب آخر مع المدونة التونسية يوضح مدى الاستقطاب الذي تشهده البلاد والحرب في سبيل حرية التعبير التي يخوضها الاعلام، الذي طالما عانى القمع في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

* بدء الحكاية

ويشار الى ان ما يُعرف في تونس بـ “فضيحة” وزير الخارجية رفيق عبد السلام بدات تتفاعل على أكثر من صعيد منذ نهاية العام الماضي، حيث سارع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية ووالد زوجة رفيق عبد السلام، للدعوة في نهاية ديسمبر/ كانون الاول الماضي إلى جلد مروجي الإشاعات.

ومن جهته، كان القسم المالي التابع لوزارة الخارجية التونسية اكد في بيان رسمي للرد على الفضيحة بأن جميع نفقات الإقامة بأحد فنادق تونس العاصمة والتي يسددها وزير الخارجية رفيق عبد السلام ‘تمت وفقا للضوابط والإجراءات المحاسبية للتصرف في الميزانية المخصصة للوزارة’.

وكانت ‘فضيحة’ وزير الخارجية التونسية قد بدأت عندما نشرت مدّونة تونسية تُدعى ألفة الرياحي وثائق في مدونتها تتهم فيها الوزير رفيق عبد السلام بالفساد وإهدار المال العام، والخيانة الزوجية.

وقالت الرياحي إن الوزير رفيق عبد السلام ‘قضى أياماً مع امرأة قام بدفع مصاريف إقامتها في نزل فاخر اعتاد ارتياده خلال عطلته، وبتكلفة خيالية’.

* نفي ثم اعتراف رفيق عبدالسلام

وانتشرت هذه الوثائق بشكل لافت في مواقع التواصل الإجتماعي، وكادت أن تتحول إلى قضية رأي عام، ما دفع الوزير رفيق عبد السلام إلى الخروج عن صمته، حيث نفى في بادئ الأمر صحة الوثائق، ثم عاد واعترف بها، مع توضيح بسيط بأن المرأة المعنية هي قريبته، وأن ‘الظروف اقتضت قضاءه ليالي في الفندق’، القريب جداً من مقر وزارة الخارجية.

وأكدعبدالسلام أنه لـ’أسباب مهنية’ يضطر أحيانا للبقاء في المكتب إلى ساعة متأخرة، ويفضّل قضاء الليلة في فندق قريب من الوزارة، معتبراً أن الاتهامات هي ‘حملة تسهدف تشويهه سياسياً’.

ثم عاد ليقول في كلمة ألقاها أمام عدد من أعضاء حركة النهضة الإسلامية التي ينتمي إليها، إنه يعتزم تتبع من ينشر الإشاعات قضائياً، مضيفاً ‘سنذهب للقضاء لمحاسبة مروجي الأكاذيب والأباطيل’.

وفي المقابل، سارعت حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، إلى تكذيب الاتهامات، واعتبرتها ‘محض إشاعات تداولتها بعض المواقع الإلكترونية لاستهداف شخص الوزير’.

* تأكيدات المدونة الرياحي

ومن جهتها، كانت المدونة ألفة الرياحي اكدت صحة الوثائق التي نشرتها، وتحدت في تصريحات لها ان وزير الخارجية التونسية بأن يذهب للقضاء، لأن لديها وثائق اخرى ستكشفها في الوقت المناسب.

وفيما انشغلت وسائل الإعلام التونسية المرئية والمسموعة والمكتوبة بهذه القضية التي وُصفت بـ’الفضيحة’، دخل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، ووالد سمية الغنوشي، زوجة رفيق عبد السلام، على الخط، حيث تحدث في خطبة الجمعة عن حكم الشرع الإسلامي في من ينشر الإشاعة وعمّن ‘يشنُ حملات إعلامية لتمزيق صف المسلمين’.

وقال الغنوشي في خطبته التي فُهم منها أنها مرتبطة بقضية وزير الخارجية، إن ‘من يُروج الإشاعة من دون أن يأتي بدليل يُعاقب بـ80 جلدة’، واعتبر أن ‘نشر الإشاعة من عمل أعداء الإسلام’، واستشهد في ذلك بآيات من القرآن.

ويبدو أن هذه القضية مرشحة للتفاعل أكثر فأكثر خلال الأيام المقبلة بالنظر إلى طبيعتها الأخلاقية التي شدّت وسائل الإعلام التونسية بحكم ارتباطها بوزير هو صهر رئيس حركة النهضة الإسلامية.

وقد أعربت رئاسة الحكومة التونسية المؤقتة عن تضامنها مع وزير الخارجية رفيق عبد السلام، ضد ما وصفته بأنه ‘حملة التشويه’ التي تستهدفه، ودعت كل الأطراف إلى الالتزام بأخلاقيات المنافسة السياسية.

قالت رئاسة الحكومة التونسية في بيان كانت بيثته ‘يونايتد برس إنترناشونال’ نسخة تعقيباً على المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام حول إقامة وزير الخارجية رفيق عبد السلام بفندق ‘الشيراتون’ بتونس العاصمة، إن النفقات التي قام بها الوزير ‘تبقى خاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والهياكل الرقابية المعنية المخول لها النظر والتقصي في كل التجاوزات المحتملة’.

وعبّرت في بيانها عن تضامنها مع وزير الخارجية رفيق عبد السلام، ومع كل أعضاء الحكومة، ضد ما وصفته بـ’حملات التشويه وافتعال الإشاعات وإصدار أحكام نهائية قبل انتظار نتائج البحث والتقصي من طرف الهياكل المعنية’.

ودعت في المقابل كل الأطراف إلى ‘الترفع عن هذه الأساليب، وإلى الالتزام بأخلاقيات المنافسة السياسية المشروعة’، لافتة في نفس الوقت إلى أن كل ما نُشر في هذا الموضوع من معطيات واستقراءات ‘يحمّل الجهة التي قامت بنشره المسؤولية الأخلاقية والمهنية في العمل الإعلامي المترتبة عن مدى صحتها ودقتها ويخوّل للأطراف المذكورة في هذه المسألة بصفتها الوظيفية والشخصية حق التتبع القضائي’.

* من هو رفيق عبدالسلام ؟

يذكر ان الوزير رفيق عبدالسلام الذي سطع نجمه بسرعة في تونس بعد اطاحة زين العابدين بن علي مولود في الحامة من ولاية قابس في عام 1967، بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، درس رفيق عبد السلام الفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

ونشط في الفترة بين 1987 و1990 في صلب النقابة الطالبية الاتحاد العام التونسي للطلبة القريبة من الإسلاميين. وخلال الحملة على هؤلاء في مطلع التسعينات، فر خلسة إلى المملكة المغربية حيث واصل دراسته العليا بالحصول على الإجازة في الفلسفة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط لجامعة محمد الخامس أكدال ثم استكمل دراسته في المملكة المتحدة بالحصول على دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة وستمنستر عام 2003.

وكان رفيق عبد السلام أسس في لندن المركز المغاربي للبحوث والترجمة، وترأس منتدى لندن للحوار الذي جمع رجال سياسة ومثقفين عربا، كما أنه باحث بجامعة وستمنستر ومركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية، وحاضر أيضا في مركز مارك فيلد للدراسات العليا، وتولى رئاسة قسم البحوث في مركز الجزيرة القطرية.

Leave a comment